حانة المتنبي شكّلت لوحة صارخة بألوانها المتداخلة منها الحسي والآخر التعبيري جسّدها السلوك الإنساني الرافض لسلطة العبث وعوامل الإنهيار والتمزق لمجتمع يفصح عن حضارة موغلة في العراقة، حوّلته أدوار العبث وطقوسية اللاهوت الديني السادية إلى ملامح باهتة لا تعّرف من التاريخ والجغرافية والمعارف الاخرى بقدر ما تستعرضه حكايات التسطيح الفكري وتضخيم خرافة المقدّس في ذاكرة الجمهور المغيّب عن مسرح الحياة الحقيقية. تقتفي قصص حانة المتنبي حالة التداعي التي نشبت في اليقين المعرفي لسكان بلاد الرافدين، ابتداءأّ من مسرحة الحياة المدنية وعسكرتها لصالح الإستبداد والتجني وتغييب الإنساني لصالح اللاّانساني، وبذر حقول المعرفة بسرطانات الخرافة والطقوس البالية لتأسيس حالة تدّعي المعرفة وتستلب الثقافة الحقيقية وتستبدلها بثقافة العنف والإلغاء والتجهيل. قصص حانة المتنبي تختزل الصمت المفرط وتنوه لحالة البرزخ الوجودي التي تمر بها ثوابت المعرفة والثقافة والاخلاق في زمن تشابكت فيه عوامل التعرية المعرّفة بحالات العولمة تارة وزمن ما بعد الحداثة تارة أخرى. في قصص حانة المتنبي نبش للحسرة والنغمة اللّائبة فوق مساحات اليقظة وصرخة ضد الآتي، الآتي الغريب ضمن حالة التنوير المعرفي الأصولي والشعبوي، التحول الملفّع بماكنة التغيير التي تتخلّى عن إنسانيتها وتحيل كل منابع الجمال والحب والإحساس إلى ثمة مفردات تستهلكها ثقافة الماكنة، الآتي الذي يستبدل الإبتسامة بالتهكم والوردة بالجمرة، الآتي الذي أحال انسانيتنا إلى حلم يقظة نقرأه في وجوه المترفين، الآتي الذي يصفق للجلاّد ويزأر في وجه الضحية. قصص حانة المتنبي تسرد حالة الرفض الإنساني لإنتهاك إنسانية الفرد والأشياء، وتحاول أن تستجلي ما يختمره الذات الآخر لصورة الحياة التي وهبت للفرد كحقيقة معرفية وعقلانية وحالة تجلّي روحي وانساني وحسي. قصص حانة المتنبي تستعرض لحظات الرفض والتامل في آن ضمن تداعيات المسرح الحياتي الكبير.
معلومات عن الكاتب
روائي وباحث عراقي مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، دكتوراة في نظم وهندسة المعلومات .
له من الروايات المطبوعة: (رواية الأضرحة عام 2004 عن دار أزمنة -عمّان- الأردن)، (رواية الوحل عام 2005 عن دار الشروق-عمّان-الأردن)، (رواية أحفاد حمورابي عام 2023 عن دار شمس-القاهرة-مصر)، (رواية وجوه سومرية عام 2024 عن دار البصائر في بيروت ودار الجنوب للطباعة والنشر في البصرة)، (رواية جغرافية هجينة عام 2025 عن دار البصائر في بيروت).
ومن المجاميع القصصية المطبوعة: (نصوص عام 1993 عن دار أمد بغداد - مجموعة قصصية مشتركة مع القاص فاضل القيسي)، (تميمة الميعاد عام 2000 عن دار الهادي- بيروت- لبنان)، ( حانة المتنبي عام 2016 عن دار شمس - القاهرة- مصر).
ومن الكتب النقدية والدراسات الأدبية: (منظومة القراءة عام 2011 عن دار ناشري- الكويت)، (ذاكرة السنين العجاف - نثر)، ( قراءة في المشهد القصصي العراقي - الريادة والتطور)، (الطريق لكتابة الرواية - دراسة باللغة الإنكليزية).
له عدد من البحوث والدراسات العلمية في مجال تكنلوجيا المعلومات، منها منشور على هيئة مقالات في الدوريات العلمية ومنها منشور على هيئة كتب وبحوث علمية.
0 مراجعة